اعتبر أمين الهيئة القيادية في "حركة الناصريين المستقلين–المرابطون" العميد مصطفى حمدان ان "المعركة الحقيقية ليست على وضع قانون انتخابي جديد، فالجميع أقرّ من فوق الطاولة وتحتها على قانون الانتخاب القائم على النسبية الكاملة "والزعبرة" وضرب الكم بالمدى الجغرافي للدوائر الانتخابية سواء كانت 7 أو 10 و13 و15 أو 20 ، مع إمكانية الاتفاق على طبيعة استخدام الصوت التفضيلي"، لافتا الى ان "الخلاف الأكيد والذي يخفيه الجميع هو أن فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبلغ الجميع أن الانتخابات النيابية يجب وستحصل قبل 17 أيلول 2017 القادم، ولا يمكن تأخيرها ولو حتى يوم واحد لأن مصداقية خطاب القسم ومسار ومصير العهد قائم على هذه الانتخابات، ولا تمديد لمدة سنة لأنها إذلال لرئيس البلاد والعهد بالتراجع عما يقوله".
ورأى حمدان في حديث لـ"النشرة" أنّه "رغم كل ما قيل، فإن جميع القوى والأطياف والأحزاب السياسية اللبنانية دفنت قانون الستين عادياً كان أم معدّلاً إلى غير رجعة، رغم التلويح والتهديد به"، مشيرا الى انّه "لمن يريد وطناً فإن الوطن والطروحات الوطنية موجود وموجودة في بعبدا ولمن يريد طروحات مذهبية وطوائفية هي مسؤولية أعماله، فليتحمل مسؤولية ما يطرحه والنتائج". وأضاف: "وبالتناقض مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون هناك قوى أساسية طائفية ومذهبية تعتبر نفسها فاعلة وفعّالة، تريد التمديد لمدة سنة كاملة تحت ما يسمّى بالتأجيل التقني لتعليم الشعب اللبناني ثقافة الانتخاب بالقانون النسبي الكامل خارج القيد الطائفي. هذا جوهر الخلاف، ونحن نقول أننا مع الرئيس ميشال عون بإيجاد قانون انتخابات قائم على النسبية الكاملة، يراعي التوازن الوطني للطوائف والمذاهب في لبنان ولا يرعى توازن الرعب الانتخابي الطوائفي والمذهبي".
وقال: "باعتقادي الشخصي أنه سيكون هناك انتخاب مجلس نيابي جديد استناداً إلى القانون النسبي الكامل في دوائر متفق عليها قبل 17 أيلول القادم، لأن المسؤولية الوطنية العليا ستعلو فوق رؤوس الجميع نظراً للأوضاع المتدهورة في المنطقة العربية".
فراغ برلماني؟
وعن امكانية الدخول في فراغ برلماني، قال حمدان: "في ظل الإسفاف السياسي و"القيل والقال" حسب التقاليد السياسية اللبنانية، طُرح موضوع الفراغ البرلماني والذي لا يجب أن نخفف من احتمال حدوثه، إذا ما عجز الأخيار في الساحة اللبنانية من فرض تحمل المسؤولية الوطنية على الجميع في اللحظة والتوقيت المناسب، ولكن من المؤكد ومنعاً لما يشاع أن الفراغ سيؤدي إلى المنازلة الطائفية والمذهبية الكبرى وأم المعارك على أرض لبنان، نقول أن من يمتلك قدرة القرار الداخلي اللبناني عموماً، وقدرة التخريب الخارجي الدولي الولايات المتحدة الأميركية، لا يزال حريصا على مناخ الاستقرار وعدم المواجهة في الساحة اللبنانية، واستباق دخول الارهاب إلينا لمحاربته على حدودنا". وأضاف: "لا شك أن الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية هم معنيون بواجباتهم على هذا الصعيد".
مسخ سياسي
واعتبر حمدان ان "قمة الرياض هي مسخ سياسي دولي أميركي برأسين، الرأس الأول هو الاجتماعات الروتينية مع حكام السعودية عندما ينتخب رئيساً أميركياً جديداً للولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي تكرّس هذه الاجتماعات البيعة والولاء من حكام السعودية لمديرهم العالمي الرئيس الأميركي"، لافتا الى ان "هذه المباحثات هي الأهم بين الرئيس دونالد ترامب والثنائية التي تدير السعودية اليوم، وهما ولي العهد الأول محمد بن نايف وولي ولي العهد الثاني محمد بن سلمان هذا في العمق الاستراتيجي الاقتصادي والسياسي لهذه الاجتماعات، بينما أن الملك سلمان قد أخذ دوره في الشكل البروتوكولي، من حيث الحفاوة بالمدير الأميركي رقصاً وأهازيجاً وخيالةً". واضاف: "في عمق المضمون الاستراتيجي الآن لا شك ان هذه الزيارة لها ارتدادات وتداعيات من المبكر أن نحكم على نتائجها، إنما بالتحليل لما صدر عنها كانت منصة استخدمها الطرفان الأميركي والسعودي كخارطة طريق لحلحلة وضعهما المأزوم داخلياً ودولياً. فترامب المتعثّر في بدايات حكمه داخلياً حيث اعترف باكياً بأنه لم يتعرض أي رئيس للولايات المتحدة الأميركية في حكمه لما تعرّض له، سواء بالاتهامات الخطيرة بأنه عميل روسي وعدم قدرته على تثبيت أي ركن من أركان إدارته الرسمية، وبالتالي يتخبط مرتبكاً في رسم سياساته الاستراتيجية الخارجية ورؤيته للأمن القومي الأميركي خلال فترة حكمه، فكانت الـ110 مليارات دولار ثمن صفقة السلاح الأميركية للشركات رشوة سريعة للـestablishment الأميركية المديرة، للسماح له ببدء عهده ورفع سيف إزاحته من البيت الأبيض الذي أصبح الشغل الشاغل لأركانه للدفاع عن ترامب، وبقية الاستثمارات التي تجاوزت 400 مليار دولار". وقال: "هذا هو الأمر الوحيد الذي تحقّق من خطاباته الكاذبة أثناء الحملة الانتخابية بإعلانه آنذاك أنه سيجبر هؤلاء السعوديين على دفع ثمن حماية أميركا لهم، ومن هنا نضع ما أعلن بأن إيران هي العدو الأساسي وأن الإرهاب يتجسّد في المنظّمات (حزب الله، وطالبان، وحماس)، ضمن هذا الواقع لاحتواء الأخطار التي تهدد النظام السعودي، فكان ترامب وحكومة الولايات المتحدة الأميركية مثل شركة من شركات الأمن والحماية وأشهرها black water".
ورأى ان "كل هذا كان شراء سمك المملكة العربية السعودية في البحر من قبل ترامب، خصوصًا أن التقديرات الاقتصادية تقول ان الوضع الاقتصادي للمملكة لا يبشّر خيراً، والالتزام بهذه المدفوعات يرتكز على إيصال سعر برميل النفط إلى 65$، والسؤال الأهم ماذا لو انخفض سعر برميل النفط إلى 20$ بقرار من إيران وروسيا وباقي الدول التي تعتبر نفسها مهدّدة بالجنون الأميركي في عهد ترامب".
واعتبر حمدان انّه "على الصعيد السعودي، برز بوضوح الصراع بين ولي العهد الأول محمد بن نايف وولي ولي العهد الثاني محمد بن سلمان من ناحية عملية marketing (التسويق) من الفريقين عند الأميركي، فبدا جلياً أن الأميركيين واليهودي التلمودي "جاريد" خبير بعمق الخلافات في الداخل السعودي، وبالتالي أعطى الوعود لمحمد بن نايف الذي هو اكثر ارتياحاً ومتانةً في وضعه الإقليمي والداخلي، ولمحمد بن سلمان المرتبك اقتصادياً بسبب غرقه في الوحول اليمينة واتهامه أميركياً وعالمياً بأنه يرتكب المجزرة تلو الأخرى في اليمن، وعرض الهدنة بين الفريقين حتى تنجلي معركة ترامب الداخلية مع خصومه الأميركيين"، لافتا الى انّه "وفي المحصلة النهائية لهذه الاجتماعات بين الأميركيين والسعوديين، هم يريدون فعلاً إحداث التغيير على صعيد منطقة الشرق الأوسط، ولكنهم غير مستعدين لخوض حروب شاملة في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن أو غيرها". وقال: "ولعلّ ما يمكن رصده اليوم هو عودة الاستخبارات الأميركية بإدارة عملاء الاستخبارات السعودية إلى مخطط "بتريوس" في تجديد الفتنة السنية-الشيعية، وإشعال المجتمعات العربية بحروب إثنية وطائفية ومذهبية وهي فعلاً حاصلة، تحضيراً للتدخّل العسكري الأميركي المباشر الكبير وهو الذي على الأكيد لن يحصل في مدى السنوات الأربعة من حكم ترامب".
وأضاف: "أما بالنسبة للرأس الثاني من مسخ القمة، الذي سمّي بالقمة الإسلامية-الأميركية هو ضجيج إعلامي لا قيمة له وضياع في تعريف الإرهاب ومن يقوم به، ولعلّ الرد الأبرز على من هو الإرهابي ما جرى في قاعة الاحتفالات بمانشستر، حيث فجّر الارهابي الحقيقي نفسه مع الأبرياء من الأطفال والنساء والرجال وهويته الداعشية المتأسلمة معروفة، وهذا ما سيتكرّر في العديد من البلدات في قلب أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، من قبل الإرهابيين الذين أرسلوهم إلى منطقتنا فغادروا إلى جحورهم الأساسية بعد أن هُزموا وسوف يحاسبون من أرسلهم".
وعن امكانية انعكاس نتائج القمة على لبنان، قال: "الإنعكاسات على لبنان شبيهة بالضجيج الإعلامي للقمة الإسلامية-الأميركية لأن القرار الدولي العالمي لا يزال يكرّس مناخ الاستقرار الأمني، إنما قد نشهد بعض التوترات الكلامية والسياسية دون إصابات تُذكر".
قنبلة نووية؟
وردا على سؤال عمّا اذا كانت عودة واشنطن الى سوريا هل من شأنها قلب المعادلات القائمة حاليا، قال حمدان:"من المبالغة أن نقول عودة واشنطن إلى سوريا، لأن الولايات المتحدة الأميركية واستخباراتها ووحداتها الخاصة لم تغادر كي تعود، ولقد استخدمت كل ما لديها من وسائل استراتيجية سياسية وميدانية لقلب المعادلات القائمة حالياً في الجغرافيا السورية، ولم يبقَ أمامها (ونحن هنا لا نبالغ ونخرج عن الواقع) إلا القنبلة النووية تستخدمها كأداة لقلب المعادلات، فأسلحتها التقليدية أصبحت عاجزة أمام التفوّق الاستراتيجي الروسي في سوريا".
وأضاف: "من المؤشرات أن واشنطن ذهبت خارج سوريا هي المداولات والخطابات العلنية التي جرت في القمة الأميركية-الإسلامية، والاجتماعات مع حكام السعودية لم يذكر بتاتاً أسطوانة "سقوط (الرئيس السوري بشّار) الأسد والمرحلة الانتقالية والنظام الإرهابي في سوريا"، وكان هذا أمراً ملفتاً لا بل من أكثر الأمور سطوعاً في وسائل الإعلام الضخم في هذه القمة، كما اعتُبر أن الخطاب المصري الذي ألقاه الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي هو الأكثر جدية وأهمية وعمقاً في تحديد مراكز الأخطار الإرهابية الاستراتيجية والتكتية، ومن ضمن هذه التصريحات المصرية أن انتشال سوريا من الإرهاب المتمثّل بعصابات الإخوان المتأسلمين وداعش وجبهة النصرة ومن يموّلهم ويدعمهم مثل قطر وتركيا، أصبح ركناً أساسياً في مكافحة الإرهاب الدولي".
وقال: "بالتالي نحن نعتقد أن عودة واشنطن الفعلية إلى سوريا تنتظر وضوح السياسة الخارجية الأميركية في فترة تمتد حتى أيلول، وبالتالي اكتمال أركان الدولة المفيدة السورية بمساعدة الدعم الروسي بالتخلص والقضاء على البؤر الإرهابية خلال هذه الأشهر".
الواقع اللبناني والخطر؟!
وتطرق حمدان للعقوبات الاميركية المفترضة على حزب الله، معتبرا ان مما لا شك فيه أنها إذا فرضت، ستترك أثراً اقتصادياً واجتماعياً ليس فقط على جمهور حزب الله والمقاومة، وإنما على الواقع اللبناني الاقتصادي ككل. وتابع: "هذا الكلام المشبوه الذي نسمعه من بعض وسائل الإعلام عن مجتمع شيعي وسني ومسيحي، لا يُقارب حقيقة المسؤولية الوطنية في حماية الواقع الاقتصادي اللبناني على عاتق الحكومة اللبنانية ومواجهة ارتدادات العقوبات الاقتصادية الأميركية، وعدم إثارة الرعب منها إعلامياً لأنها ستثير ضجة لا فائدة منها إلا التشكيك بالواقع السياسي والأمني والاقتصادي اللبناني، لأن اذا فرضت بحق أشخاص أو حتى مؤسسات تابعة لحزب الله والمقاومة فهم لن يتأثروا بذلك لأنه وعلى الأكيد لا يمكن أن يكون هناك لا أموال ولا علاقات اقتصادية مع أميركا من قبلهم".